فضاء حر

اشك بجدية اللجنة وبجدية الحوار !

 رد القوى العسكرية والمشيخية النافذة على طرح واقرار النقاط العشرين وعلى موضوع الاعتذار للجنوب من قبل لجنة الحوار كان سريعا وخطيرا واكبر من كل تفاؤل او رهان.

وبدلا من الاستجابة لقرار اجماعي اتخذته اللجنة والبدء بنقاط بعينها سبق الاتفاق حولها مع الرئيس هادي حدثت جريمة الاعتداء على الدكتور ياسين سعيد نعمان وسط العاصمة صنعاء ثم تلاها اعمال وممارسات وقرارات لا تقل خطورة وتصب جميعها في اضعاف الحوار وتمييعه وتحويله الى مهزلة او غطاء لسياسات اجرامية لم تعد خافية على احد..

طريقة التعامل اللامبالي واللامسئول من قبل الرئيس والحكومة واجهزة الدولة المختلفة مع حادث الاعتداء على نعمان وما قدمته بيانات الفرقة والاصلاح والمشترك واللجنة العسكرية على انه جريمة "اغتيال خطيرة" طالت احد اعضاء لجنة الحوار الوطني، قد اشارت لوحدها بوضوح الى خطورة الوضع والى ضلوع قوى نافذة بعينها في هذه الجريمة وفي جرائم اخرى مماثلة وبان الاعتداء الاجرامي بإطلاق الرصاص على نعمان كان قصديا ويستهدف تحقيق اهداف سياسية واضحة هي الخروج من مازق النقاط العشرين اولا والهروب من طرح قضية الدولة المدنية والقضية الجنوبية على طاولة الحوار الوطني ثانيا.

 

لم تكتف القوى النافذة بجريمة الاعتداء على "نعمان" وابقاء النقطة العسكرية التي اطلق الرصاص من داخلها مكانها والى جانبها عشرات النقاط العسكرية العشوائية الاخرى التي تحتل نصف العاصمة ونصف الجامعة وتثير الرعب في شوارع صنعاء ويتم الضغط بها ومن خلالها على استكمال السيطرة على القوات المسلحة والامن وبقية مفاصل الدولة عموما بل تعدتها الى ما هو ابعد من جريمة الاعتداء هو رفض الحوار كليا ووضع عراقيل جدية لا مكانية انعقاده فضلا عن نجاحه.

لقد فوجئت اللجنة نفسها انه وبدلا من تمثيل الحراك الجنوبي تمثيلا حقيقيا في قوام اللجنة الفنية كما تضمنته النقاط العشرين اصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيين ستة اعضاء جدد من الاصلاح والمحسوبين على المشترك والسلفيين و"علي محسن" لا علاقة لهم او لمعظمهم بالحراك الجنوبي ولا بمعايير الالية المزمنة للمبادرة الخليجية الامر الذي يجعل عدم مشاركة الحراك الجنوبي قرارا رئاسيا نافذا من صنعاء وليس من اي مكان اخر.

 

النقاط العشرين اذا كانت اختبارا حقيقيا لمدى جدية الاطراف المعنية في السلطة الانتقالية والقوى النافذة من حولها في مدى قبولها بالحوار وفي مدى صحة ما تدعيه من رغبتها في حل معضلات اليمن الكبرى التي افرزتها سياساتها وممارساتها الكارثية على البلاد من قبل وقد سقطت في هذا الامتحان التاريخي برفضها الصريح والضمني للحوار وكان يفترض على لجنة الحوار ان تتوقف عند هذه النقطة المفصلية وان تعلق اعمالها بالكامل حتى تنفذ قرارتها الاجتماعية خصوصا وقد سبق وان صرحت بان ما تضمنته النقاط ضرورية لإنجاح الحوار ويصعب الحوار بدونها والا فقد مصداقيتها وجديتها وهذا هو الحاصل للأسف.

 

والحقيقة ان اللجنة التي لا تتوقف امام رفض السلطة الانتقالية لقراراتها الإجماعية اولا وتقبل ان يتم تمثيل طرف اساسي في الحوار "الحراك الجنوبي " من خارجه ولا تسال نفسها الى اين وصلت التحقيقات حول جريمة الاعتداء الاثم على احد اعضائها لا يمكن ان تكون لجنة جدية للحوار كما عولنا على ذلك من قبل ولا يمكن ان نراهن عليها وعلى امكانية وصولها الى شيء دون تنفيذ النقاط التي اقرتها واجمعت عليها.

كان على هذه اللجنة ان تعي جيدا بان الذين يرفضون الاعتذار للجنوب ولضحايا حروب صعدة يبيتون مؤامرة اخرى وحروبا وصراعات كارثية وهو ما يؤكد عليه الدكتور ياسين سعيد نعمان في اكثر من حوار صحفي مبديا استغرابه لرفض فكرة الاعتذار ممن يدعون ايمانهم بالحوار.

كما كان على اعضاء اللجنة ايضا ان يتحسسوا رؤوسهم وان يتأكدوا بان الخطر عليهم وعلى بعض اعضائهم تحديدا قادم قادم لا محالة وطالما وان الدولة والسلطة قد تعاملت مع حادث الاعتداء على شخصية وطنية إجماعية لها مكانة كبيرة في طول وعرض البلاد بذلك السخف وتلك الخفة المرعبة فكيف سيكون التعامل في حالة كان اطلاق الرصاص قد تم على ممثلي الحوثي مثلا او الحراك الجنوبي في اللجنة او الشباب المستقل؟ ربما تصدر اللجنة نفسها في ذلك الوقت بيانا تدين الضحية وتحمل المجهول او النقاط المجهولة التي يكون عددها قد زاد في العدة والعتاد.

امام هذا وبعد هذا كله اصبحت شخصيا اشك جدا في جدية اللجنة الفنية وفي جدية الحوار.

ومع استمرار رفض الرئيس للنقاط العشرين ورفضه تمثيل حقيقي للحراك الجنوبي و استمرار رفض القوى النافذة للاعتذار للجنوب ولصعدة وطالما وعملية الانشقاق والانقسام في الجيش ووجود القوى العسكرية والقبلية محيطة بالمتحاورين وتهددهم وتفرض اجنداتها على الدولة وعلى طاولة حوار المتحاورين فعليك ان لا تعول على احد منهم حتى وان كنا نعرف مصداقية وحرص اغلبهم.

واذا واصلت لجنة الحوار اعمالها بعد اليوم وعلى هذا النحو من التضليل للنفس وللمجتمع فلن تكون سوى غطاء لما يجري على الارض ونلمسه بأنفسنا كل يوم والمتمثل بما يلي:

-استكمال السيطرة على مفاصل الدولة والسلطة من قبل الاصلاح وحلفائه العسكر والمشايخ وقد استكملوا تقريبا.

-التحضير لحرب بل لحروب مع الحوثي ومع القوى الرافض لسلطة المبادرة ليس في صعدة وحسب بل وفي كل اليمن وهو امر ملموس ايضا ولا ينكر التحضير له سوى مغفل او متامر.

 

تغريدة!

من يعتقد انه سيحل مشاكل اليمن من محيط الفرقة الاولى مدرع عليه ان يعلم انه يقودهم الى الحرب وليس الى السلام.

زر الذهاب إلى الأعلى